سورة التوبة - تفسير تفسير ابن جزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (التوبة)


        


{قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (29)}
{قاتلوا الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالله وَلاَ باليوم الآخر} أمرَ بقتال أهل الكتاب، ونفي عنهم الإيمان بالله لقول اليهود: عزير ابن الله، وقول النصارى: المسيح ابن الله، ونفى عنهم الإيمان بالله باليوم الآخر لأن اعتقادهم فيه فاسد، فإنهم لا يقولون بالمعاد والحساب {وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ الله وَرَسُولُهُ} لأنهم يستحلون الميتة والدم ولحم الخنزير وغير ذلك {وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الحق} أي لا يدخلون في الإسلام {مِنَ الذين أُوتُواْ الكتاب} بيان للذين أمر بقتالهم وحين نزلت هذه الآية خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى غزوة تبوك لقتال النصارى {حتى يُعْطُواْ الجزية} اتفق العلماء على قبول الجزية من اليهود والنصارى، ويلحق بهم المجوس، لقوله صلى الله عليه وسلم: سُنوا بهم سنة أهل الكتاب واختلفوا في قبولها من عبدة الأوثان والصابئين ولا توخذ من النساء والصبيان والمجانين، وقدرها عند مالك أربعة دنانير على أهل الذهب، وأربعون درهماً على أهل الورق، ويؤخذ ذلك من كل رأس {عَن يَدٍ} فيه تأويلان: أحدهما دفع الذميّ لها بيده لا يبعثها مع أحد ولا يمطل بها كقولك يداً بيد، الثاني عن استسلام وانقياد كقولك: ألقى فلان بيده {وَهُمْ صاغرون} أذلاء.


{وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (30)}
{وَقَالَتِ اليهود عُزَيْرٌ ابن الله} قال ابن عباس: إن هذه المقالة قالها أربعة من اليهود، وهم سلام بن مشكم، ونعمان بن أوفى، وشاس بن قيس، ومالك بن الصيف، وقيل: لم يقلها إلا فنحاص، ونسب ذلك إلى جميعهم لأنهم متبعون لمن قالها، والظاهر أن جماعتهم قالوها إذ لم ينكروها حين نسبت إليهم، وكان سبب قولهم ذلك أنهم فقدوا التوراة، فحفظها عزير وحده، فعلّمها لهم فقالوا: ما علم الله عزير التوراة إلا أنه ابنه، وعزير مبتدأ، وابن الله خبره، ومنع عزير التنوين لأنه أعجمي لا ينصرف وقيل: بل هو منصرف وحذف التنوين لالتقاء الساكنين وهذا ضعيف، وأما من نونه فجعله عربياً {وَقَالَتْ النصارى المسيح ابن الله}.
قال ابن المعالي: أطبقت النصارى على أن المسيح إله وابن إله وذلك كفر شنيع {بأفواههم} يتضمن معنيين أحدهما: إلزامهم هذه المقالة والتأكيد في ذلك، والثاني: أنهم لا حجة لهم في ذلك، وإنما هو مجرد دعوى كقولك لمن تكذبه: هذا قول بلسانك {يضاهئون قَوْلَ الذين كَفَرُواْ مِن قَبْلُ} معنى يضاهئون يشابهون، فإن كان الضمير لليهود والنصارى، فالإشارة بقوله الذين كفروا من قبل للمشركين من العرب إذ قالوا: الملائكة بنات الله، وهم أول كافر. أو للصابئين أو لأمم متقدمة وإن كان الضمير للمعاصرين للنبي صلى الله عليه وسلم من اليهود والنصارى، فالذين كفروا من قبل هم أسلافهم المتقدمون {قاتلهم الله} دعاء عليهم، وقيل: معناه لعنهم الله {أنى يُؤْفَكُونَ} تعجب كيف يصرفون عن الحق والصواب.


{اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31)}
{( * ) اتخذوا أَحْبَارَهُمْ ورهبانهم أَرْبَاباً} أي أطاعوهم كما يطاع الرب وإن كانوا لم يعبدوهم {والمسيح} معطوف على الأحبار والرهبان {وَمَآ أمروا إِلاَّ ليعبدوا إلها واحدا} أي أمرهم بذلك عيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8